فصل: غزو الترك.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتح موقان وجبال أرمينية.

ولما فرغ سراقة من الباب بعث أمراء إلى مايليه من الجبال المحيطة بأرمينية فأرسل بكير بن عبد الله إلى موقان وحبيب بن مسلمة إلى تفليس وحذيفة بن اليمان إلى جبال اللان وسلمان بن ربيعة إلى الوجه الآخر وكتب بالخبر إلى عمر فلم يرج تمام ذلك لأنه فرج عظيم ثم بلغه موت سراقة واستخلف عبد الرحمن بن ربيعة فأقره عمر على فرج الباب وأمره بغزو الترك ولم يفتح أحد من أولئك الأمراء إلا بكير بن عبد الله فإنه فتح موقان ثم تراجعوا على الجزية دينارا عن كل حالم.

.غزو الترك.

ولما أمر عبد الرحمن بن ربيعة بغزو الترك سار حتى الباب وسار معه شهريار فغزا بلنجر وهم قوم من الترك ففروا منه وتحصنوا وبلغت خلية على مائتي فرسخ من بلنجر وعاد بالظفر والغنائم ولم يزل يردد الغزو فيهم إلى أيام عثمان فتذامر الترك وكانوا يعتقدون أن المسلمين لا يقتلون لأن الملائكة معهم فأصابوا في هذه الغزاة رجلا من المسلمين على غزة فقتلوه وتجاسروا وقاتل عبد الرحمن فقتل وانكشف أصحابه وأخذ الراية أخوه سلمان فخرج بالناس ومعه أبو هريرة الدوسي فسلكوا على جيلان إلى جرجان.

.فتح خراسان.

ولما عقدت الألوية للأمراء للإنسياح في بلاد فارس كان الأحنف بن قيس منهم بخراسان وقد تقدم أن يزدجرد سار بعد جلولاء إلى الري وبها أبان جادويه من مرازبته فأكرهه على خاتمه وكتب الضحاك بما اقترح من ذخائر يزدجرد وختم عليها وبعث بها إلى سعد فردها عليه على حكم الصلح الذي عقد له ثم سار يزدجرد والناس معه إلى أصبهان ثم إلى كرمان ثم رجع إلى مرو من خراسان فنزلها وأمن من العرب وكاتب الهرمزان وأهل فارس بالأهواز والفيرزان وأهل الجبال فنكثوا جميعا وهزمهم الله وخذلهم وأذن عمر للمسلمين بالانسياح في بلادهم.
وأمر الأمراء كما قدمناه وعقد لهم الألوية فسار الأحنف إلى خراسان سنة ثمان عشرة وقيل اثنتين وعشرين فدخلها من الطبسين وافتتح هراة عنوة واستخلف عليها صحار بن فلان العبدي ثم سار إلى مرو الشاهجان وأرسل إلى نيسابور مطرف بن عبد الله بن الشخير وإلى سرخس الحرث بن حسان ودرج يزدجرد من مرو الشاهجان إلى مرو الروذ فملكها الأحنف ولحقه مدد أهل الكوفة هنالك فسار إلى مرو الروذ واستخلف على الشاهجان حارثة بن النعمان الباهلي وجعل مدد الكوفة في مقدمته والتقوا هم ويزدجرد على بلخ فهزموه وعبر النهر فلحقهم الأحنف وقد فتح الله عليهم ودخل أهل خراسان في الصلح ما بين نيسابور وطخارستان وولى على طخارستان ربعي بن عامر وعاد إلى مرو الروذ فنزلها وكتب إلى عمر بالفتح فكتب إليه أن يقتصر على ما دون النهر.
وكان يزدجرد وهو بمرو الروذ قد استنجد ملوك الأمم وكتب إلى ملك الصين وإلى خاقان ملك الترك وإلى ملك الصغد فلما عبر يزدجرد النهر مهزوما أنجده خاقان في الترك وأهل فرغانة والصغد فرجع يزدجرد وخاقان إلى خراسان فنزلا بلخ ورجع أهل الكوفة إلى الأحنف بمرو الروذ ونزل المشركون عليه ثم رحل ونزل سفح الجبل في عشرين ألفا من أهل البصرة وأهل الكوفة وتحصن العسكران بالخنادق وأقاموا يقاتلون أياما وصحبهم الأحنف ليلة وقد خرج فارس من الترك يضرب بطبله ويتلوه إثنان كذلك ثم يخرج العسكر بعدهم عادة لهم فقتل الأحنف الأول ثم الثاني ثم الثالث فلما مر بهم خاقان تشاءم وتطير ورجع أدراجه فارتحل وعاد إلى بلخ وبلغ الخبر إلى يزدجرد وكان على مرو الشاهجان محاصرا لحارثة بن النعمان ومن معه فجمع خزائنه وأجمع اللحاق بخاقان على بلخ فمنعه أهل فارس وحملوه على صلح المسلمين والركون إليهم وأمهم أوفى ذمة من الترك فأبى من ذلك وقاتلهم فهزموه واستولوا على الخزائن ولحق بخاقان وعبروا النهر إلى فرغانة وأقام يزدجرد ببلد الترك عمر كلها إلى أن كفر أهل خراسان أيام عثمان ثم جاء أهل فارس إلى الأحنف ودفعوا إليه الخزائن والأموال وصالحوه واغتبطوا بملكة المسلمين وقسم الأحنف الغنائم فأصاب الفارس ما أصابه يوم القادسية.
ثم نزل الأحنف بلخ وأنزل أهل الكوفة في كورها الأربع ورجع إلى مرو الروذ فنزلها وكتب بالفتح إلى عمر وكان يزدجرد لما عبر النهر لقي رسوله الذي بعثه إلى ملك الصين قد رده إليه يسأله أن يصف له المسلمين الذين فعلوا به هذه الأفاعيل مع قلة عددهم ويسأل عن وفائهم ودعوتهم وطاعة أمرائهم ووقوفهم عند الحدود ومآكلهم وشرابهم وملابسهم ومراكبهم فكتب إليه بذلك كله وكتب إليه ملك الصين أن يسالمهم فإنهم لا يقوم لهم شيء بما قام نردبل فأقام يزدجرد بفرغانة بعهد من خاقان ولما وصل الخبر إلى عمر خطب الناس وقال: ألا وإن ملك المجوسية قد ذهب فليسوا يملكون من بلادهم شبرا يضر بمسلم ألا وإن الله قد أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأبناءهم لينظر كيف تعلمون فلا تبدلوا فيستبدل الله بكم غيركم فإني لا أخاف على هذه الأمة أن تؤتى إلا من قبلكم.